الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)
.مسير دبيس إلى بغداد مع زنكي وانهزامهما. لما توفي السلطان محمود سنة خمس وعشرين وخمسمائة وولي بعده داود ونازعه عمومته مسعود وسلجوق ثم استقرت السلطة لمسعود وكان أخوهما طغرل عند عمه سنجر بخراسان وكان كبير بيت أهل السلجوقية وله الحكم على ملوكهم فنكر على السلطان محمود لقتاله سلجوق وطغرل وسار به إلى العراق وانتهى إلى همذان وبعث إلى عماد الدين زنكي فولاه شحنة بغداد وإلى دبيس بن صدقة وهو عند زنكي فأقطعه الحلة وتجهز السلطان محمود لقتال سنجر وطغرل واستدعى الخليفة للحضور معه فخرج من بغداد وعاجلهم ورجع المسترشد إلى بغداد وقد سمع بوصول زنكي ودبيس إليها ولقيهم بالعباسية فهزمهم وقتل من عسكرهم ودخل بغداد وسار دبيس إلى بلاد الحلة وكانت بيد أقيال خادم المسترشد فبعث إليها بالمدد فهزموا دبيس ونجا من المعركة ثم جمع جمعا وقصدوا واسط وانضم إليه عسكرها وابن أبي الخير صاحب البطيحة وملكها إلى سنة سبع وعشرين وخمسمائة فبعث أقيال الخادم وبرتقش الشحنة العساكر إلى دبيس فلقيهم في عسكر واسط وانهزم وسار إلى السلطان مسعود فأقام عنده..مقتل دبيس وولاية ابنه صدقة. لم يزل دبيس مقيما عند السلطان مسعود إلى أن حدثت الفتنة بينه وبين المسترشد ومات أخوه طغرل كما هو مذكور في أخبارهم وسار مسعود إلى همذان بعد موت أخيه طغرل فملكها وفارقه جماعة من أعيان أمرائه ومعهم دبيس بن صدقة مستوحشين منه واستأمنوا للخليفة فحذر من دبيس ولم يقبلهم فمضوا إلى خوزستان واتفقوا مع برسق بن برسق ثم تدارك الخليفة رأيه وبعث إلى الأمراء الذين مع دبيس بالأمان وكانوا لما ردهم الخليفة بسبب دبيس أجمعوا القبض عليه وخدمة الخليفة به وشعر بهم وهرب إلى السلطان مسعود وبرز الخليفة من بغداد في رجب من سنة تسع وعشرين وخمسمائة لقتال مسعود وكتب إليه أكثر أهل الأعمال بالطاعة وأرسل إليه داود ابن السلطان محمود من أذربيجان بأن يقصد المسترشد الدينور ليحضر داود حربه فأبى وسار على التعبية حتى بلغ واعرج فالتقوا هنالك وانهزمت عساكر المسترشد وأخذ أسيرا ومعه وزيره شرف الدين علي بن طراد وقاضي القضاة وابن الأنباري وجماعة من أعيان الدولة وغنم ما في عسكره وعاد السلطان إلى بغداد وبعث الأمير بكاية شحنة إلى بغداد وكثر العويل والبكاء والضجيج ببغداد على الخليفة وجعل الخليفة في خيمة ووكل به وراسله السلطان مسعود في الصلح وشرط عليه مالا يؤديه ولا يجمع العساكر ولا يخرج من داره ما بقي وانعقد ذلك بينهما وبينما هما في ذلك وصل رسول السلطان سنجر فركب السلطان مسعود للقائه وافترق المتوكلون بالمسترشد فدخل عليه خيمته آخر ذي القعدة من سنة تسع وعشرين وخمسمائة جماعة الباطنية وقتلوه وقتلوا معه جماعة من أصحابه ولما قتل المسترشد اتهم السلطان مسعود أن دبيس بن صدقة دس أولئك النفر عليه فأمر بقتله وقصده غلام فوقف على رأسه عند باب خيمته وهو ينكث الأرض بأصبعه فأطار رأسه وهو لا يشعر وبلغ الخبر إلى ابنه صدقة وهو بالحلة فاجتمعت إليه عساكر أبيه ومماليكه واستأمن إليه الأمير قطلغ تكين وأمر السلطان مسعود الشحنة بك آيه بمعاجلته وأخذ الحلة من يده إلى أن قدم السلطان بغداد سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة فقصده صدقة وأصلح حاله معه ولزم بابه..مقتل صدقة وولاية ابنه محمد. ولما قتل المسترشد ولي ابنه الراشد بإشارة السلطان مسعود ثم حدثت الفتنة بينه وبين السلطان مسعود وأغراه بها عماد الدين زنكي صاحب الموصل ومعه الراشد وبايع السلطان مسعود للمقتفي سنة ثلاثين وخمسمائة وخلع الراشد ففارق الموصل وسار الأمراء الذين كانوا مع داود إلى السلطان مسعود ورضي عنهم ورجع إلى همذان وأذن للعساكر في العود إلى بلادهم وتمسك بصدقة بن دبيس وزوجه ابنته وسار الراشد من الموصل إلى أذربيجان قاصدا الملك واجتمع إليه صاحب فارس وخوزستان وجماعة الأمراء فسار إليهم السلطان مسعود وهزمهم وأخذه صاحب فارس الأمير منكبرس فقتله صبرا وتسلل صاحب خوزستان وعبد الرحمن طغايرك صاحب خلخال إلى السلطان مسعود وهو في خف من الناس فحملوا عليه وهزموه وقبضوا على جماعة من الأمراء الذين معه فقتلهم منكبرس فيهم صدقة بن دبيس وعنبر بن أبي العسكر وذهب داود إلى همذان فملكها واستقال السلطان مسعود من عثرته وولى على الحلة محمد بن دبيس وجعل معه مهلهل بن أبي العسكر أحا نمير بربره واستقام أمره بالحلة وكان من شأن الراشد والسلجوقية ما نذكره في أخبارهم.
|